أضحت ظاهرة البناء العشوائي ذات أبعاد شتى تتجلى في اكتساح الأراضي غير المجهزة والتي انتشرت فيها الظاهرة بسرعة غير متوقعة.
إلا أن اللافت للإنتباه في هذه الظاهرة أن الأطراف المتورطة فيها بشكل مباشر تتشابه من حيث وظائفها وتمثيليتها وأدوارها ومن هذه الأطراف بعض رجال السلطة الذين يفسرون القانون حسب هواهم وما يجنون منه، أما الطرف الثاني المتورط في هذا الملف فهم بعض المنتخبين، منهم مستشارون جماعيون وبعض الرؤساء كذلك، ابتداء من تسليم شهادة عدم التجزئة لحيازة العقار ومرورا بالتغاضي عن البناء غير المرخص، وانتهاء بتسليم شواهد إدارية مزورة للربط بشبكة الكهرباء والماء تحت ذريعة أن البناء المعني بأمر الشهادة قديم. وبين أول مرحلة و آخرها تكون الحماية مضمونة طبعا لبناء مساكن في ليلة واحدة! وتكون مفتقدة لأسس البناء من تجهيزات ضرورية كقنوات الصرف الصحي والماء الصالح للشرب.
ومن خلال تتبعها اليومي لما يحدث بجماعة اسن يمكن أن نستنتج أن البناء العشوائي آخذ في الإنتشار بشكل كبير، إذ يشكل البناء بدون ترخيص ما يزيد عن 40 بالمائة ، وهو البناء الذي يتم دون التوفر على تصميم مرخص، كما تنص على ذلك المقتضيات التنظيمية المتعلقة بالتعمير، ولعل الظاهرة التي تستدعي الإهتمام المتزايد هي تلك المرتبطة بالتجزيء و تقسيم العقارات دون احترام المسطرة القانونية التي تنص عليها مقتضيات القانون الجاري به العمل في هذا الباب، و تكمن خطورة هذه الظاهرة أيضا في كونها مصدرا لميلاد وحدات سكنية بشكل عشوائي، دون أدنى الشروط الصحية، كقنوات صرف المياه ( الواد الحار) وشبكتي الماء الصالح للشرب والكهرباء، والشبكة الطرقية، و في غياب كذلك المعايير التقنية لضوابط البناء ناهيك عن العدد المتزايد للسكان الذين تستقطبهم هذه المنطقة التي اصبحت إرث لما أرث له، الأمر الذي يطرح عدة مشاكل أخرى كقيام أنشطة متنوعة غير مهيكلة، ودون أية مراقبة أو تنظيم، الشيء الذي ينعكس سلبيا على المجهودات المبذولة في ميدان التخطيط الحضري.