الفنان التشكيلي محمد فكير يعترف لجريدة العربية للأخبار: “هناك علاقة حميمية تجمعني باللوحة.. فهي أول من أناقشه وأستفسره وأتبادل معه حديثي…”
رابط الفيديو بالأسفل
محمد فكير فنان مغربي معاصر؛ استمت طفولته بالمعاناة وبالانكسارات وبالألم، لكنها جعلت منه إنسان التحدي، إنسان مفرط في إنسانيته وحبه للمستضعفين.
في سن 10 سنوات حصل على جائزة مهمة في فن الجداريات؛ كان ذلك ببداية السبعينات
حيث كان يعيش طفولة متشردة.. والجائزة التي حصل عليها تحمل نفس الاسم “الطفولة المتشردة” .. قبل أن تسلب منه وتتم سرقتها مستغلين صغر سنه ..
اشتغل محمد فكير في لوحاته الأولى على الموضوعية، ثم انتقل إلى التجريد، تم وظف الخط بطريقته الخاصة..
ــ كيف دخلت إلى عالم الفن التشكيلي؟
ـ بداية جاذبية الرسم أتتني وعمري 10 سنوات، ومن حسن حظي الوحيد، حصلت في هذا السن على جائزة مهمة في فن الجداريات وتسلمتها من يد عامل الدار البيضاء مولاي العربي العلوي، وذلك بداية السبعينات. كنت أعيش طفولة متشردة، والجائزة تحمل نفس الاسم ” الطفولة المتشردة”، والجائزة عبارة عن حقيبة يدوية تضم مجموعة من أدوات الرسم ، ومن سوء حظي وتعاستي أن الجائزة سلبت مني وتمت سرقتها مستغلين صغر سني. وكانت البداية الأولى، بعد ذلك انقطعت عن ممارسة الفن لظروف خاصة جدا، إلى حدود سنة 1979، حيث استأنفت الرسم، وكنت أرسم فقط للأصدقاء، كما تعرفت على فنانين كبار أذكر على الخصوص: الفنان عبد اللطيف الزين، الشعيبية طلال، توفة الهراح، واستفدت منهم كثيرا ومنحوني دفئ الإبداع وحب الفن، وساعدوني على المضي قدما والاستمرار في الرسم والإبداع، لأنهم أمنوا بموهبتي وتنبئوا لي بمستقبل مهم في مجال الفن التشكيلي.
س ـ ما هي أهم المراحل التي بصمت مسارك الفني؟
ج ـ في البدايات، اشتغلت على الموضوعية في لوحاتي، تم انتقلت إلى التجريد، تم وظفت الخط بطريقتي الخاصة، خط له خصوصيات دقيقة، تم مرحلة أخرى حاولت الخلط بين الخط والفن الخام والتجريد والموضوعي، واعتبرت هذا تميزا وتفردا يخصني، ولا أخفيك سرا أنني عانيت كثيرا في هذه التجربة التي تطلبت مني بحثا وتنقيبا ودراسة، وكللت بالنجاح بشهادة النقاد والمتتبعين لمساري الفني من أصدقاء وفنانين .
س ـ ما الأشياء التي تستحضرها في ذهنك عندما تباشر عملك في بناء لوحاتك الفنية؟
ج ـ أول من أناقشه وأستفسره وأتبادل معه حديثي هي اللوحة، علاقة حميمية تجمعنا نحن الاثنين، لأن اللوحة هي سر من أسرار الإنسان / الفنان والريشة كذلك، لأن اللوحة تخرج من العمق من القلب من الروح والوجدان، وفي كثير من المرات تؤطرني اللوحة، أعمل على خلق حوار مع اللوحة حوار فني من البداية إلى النهاية، حوار وجداني روحي صوفي.
س ـ كيف تعمل على تقريب لوحاتك من المتلقي المغربي بشكل خاص؟
ج ـ في المغرب كانت عندنا ثقافة غربية في ما يخص اللوحة، حتى في الإعلام. اللوحة الأولى كانت غربية، والإعلام كما قلت مقصر في حق الفن ولا يواكبه بشكل مستمر. ونموذج على ذلك المواكبة الإعلامية للمعارض الفنية لا تتعدى بضعة دقائق وهذا مجحف للفن والفنانين والمشاهد ، وهذا الإجحاف يؤثر على ثقافة الصورة وتجعلها مقتصرة على البعض دون الكل إضافة إلى أن الفن لا يدرس بمدارسنا العمومية خاصة بطور الابتدائي من أجل تشجيع المواهب وتقريب اللوحة من المتعلمين ومد جسور التواصل بين الفنانين والتلاميذ عبر اللوحة، اللون والريشة ، اعتقد أن المدارس مطالبة بفتح أبوابها أمام الفنانين لتنظيم معارض في ساحات المؤسسات التعليمية وورشات لتلقين مبادئ الرسم .
س ـ كيف تختار الألوان بلوحاتك الفنية؟
ج ـ الألوان القريبة مني هي تلك التي خلقها الله، الألوان الأساسية، اشتغل بستة ألوان التي توجد في الكون ن في الطبيعة … اللون أراه أينما ارتحلت يلازمني، الألوان عندي عبارة عن حروف ، كل واحد له مستواه الخاص، لا يمكن تفرقة اللون عن الآخر، كل واحد في اعتقادي تكملة للآخر .حيث لا يمكنني الاشتغال في معزل عن اللون الآخر، اللون عندي صوفي وروحاني.
س ـ حدثنا قليلا عن توظيفك للحروف، و الحرف الامازيغي بالذات في لوحاتك..
ج ـ أحاول أن تكون اللوحة بعيدة عن العنصرية، لتكون عالمية، أحاول بجميع اللغات إلى جانب الامازيغية والعربية، أطمح أن تكون لوحاتي عالمية، حيث تجدني منكبا في البحث في هذا المعطى، أدرس الاشورية، الصينية، الكورية ولغات أخرى عالمية، لتكون لوحاتي قريبة من الجميع بمختلف جنسياتهم ولغاتهم.
وأكد محمد فكير في الأخير؛ أنه يعشق مخاطبة الناس بالفن، بالجمال، بالإبداع لتصل الحكمة، وتصل الفكرة. وأضاف “إذا توفقت وأصبحت لوحاتي عالمية، كل ما أحصل عليه من سيولة مالية سأمنحها فورا للضعفاء والمحتاجين والمستضعفين، حمل ثقيل لازلت أحمله بدواخلي وأريد أن أتخلص منه عن طريق الصدقة والجمال والفن، لأن طفولتي عشتها متشردا في الشوارع في سن سبع سنوات، عشت كل أنواع القهر والجوع والألم، وأريد أن أوفر لهؤلاء المتشردين في المجتمع شيئا من الدفيء والعطف والحنان الذي حرمت منه في طفولتي الصعبة والقاسية”.