الكلمة الافتتاحية للسيد رئيس الحكومة خلال معرض “جيتكس أفريقيا” « GITEX AFRICA »

 

الكلمة الافتتاحية للسيد رئيس الحكومة خلال معرض “جيتكس أفريقيا” « GITEX AFRICA »

 

السيدات والسادة الوزراء،

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

 

أولا وقبل كل شيء، يسعدني أن أرحب بكم في بلدكم الشقيق وأن أعرب لكم عن سرورنا واعتزازنا لاستضافة الدورة الأولى لمعرض “GITEX AFRICA، الذي ينظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

ويعد هذا اللقاء الذي تحتضنه مدينة مراكش، وهي رمز من رموز الثراء الثقافي والإشعاع الحضاري والدينامية المستمرة التي تشهدها المملكة المغربية، مناسبة لتسليط الضوء على الإمكانات الواعدة التي تزخر بها القارة الافريقية وجهودها المتسارعة في تطوير المواهب والمهارات في مجالات التكنولوجيا والابتكار.

وعلى غرار معرض “GITEX Global الذي يقام في دبي(Dubaï)  منذ أكثر من 40 سنة، فإن معرض “جيتكس أفريقيا” « GITEX AFRICA »، سيشكل منصة دولية للتكنولوجيا المتقدمة بالنسبة لجميع الفاعلين في أفريقيا، من القطاعين الخاص والعام، حيث تضم هذه التظاهرة أزيد من 900 شركة، وأكثر من 250 متحدث وكذا أزيد من 100 جهة حكومية.

 

حضرات السيدات والسادة،

إن المملكة المغربية فخورة باحتضان هذا المعرض الأفريقي المرموق لما يكتسيه هذا الحدث من دلالات عميقة.

أولا، لكونه يضع القارة الأفريقية في الواجهة، ترسيخا للرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الرامية لإرساء شراكة استراتيجية بين مختلف الفاعلين من أجل قارة مزدهرة ومندمجة ومتضامنة، من خلال توطيد العلاقات والمبادلات بين بلدان القارة، والنهوض بإمكاناتها الواعدة وإرساء أسس اقتصاد أفريقي قوي ومستدام.

ففي ضوء الاضطرابات الاقتصادية والتحولات العميقة التي يشهدها العالم اليوم، بما في ذلك الرقمنة المتصاعدة التي صارت تلامس كل مناحي الحياة، أصبحت التكنولوجيا الرقمية رافعة أساسية وغير مسبوقة للتنمية الاقتصادية دوليا، وعلى مستوى القارة الأفريقية على وجه الخصوص.

ووفقا لدراسة أجريت عام 2018، فإن ارتفاع استخدام الأنترنت عالي الصبيب المتنقل بنسبة 10٪ في الاقتصادات ذات الدخل المتوسط ​​والمنخفض، قد يؤدي إلى زيادة بنسبة 1.8 إلى 2٪ في ناتجها المحلي الإجمالي.

 

حضرات السيدات والسادة،

إن المجتمعات والاقتصادات الأفريقية تشهد تحولا رقميا ملحوظا حيث تضاعفت الاستثمارات في الشركات الناشئة ب4.5 مرات بين سنتي 2018 و2022.

ويُعزى هذا التصاعد الملحوظ في وتيرة الرقمنة إلى جائحة Covid-19 وتداعياتها، حيث كان من اللازم التأقلم مع متطلبات هذه الفترة فيما يخص أنماط الاستهلاك والإنتاج والتواصل والاشتغال.

وفي هذا الصدد، عملت القارة الأفريقية وبشكل متزايد على ترسيخ مكانتها كأرض خصبة وبيئة مثمرة داعمة للابتكار ولتطوير المواهب والمهارات، وذلك بفضل ثرواتها الطبيعية، وطاقاتها الشابة، وكذا مؤهلاتها الاقتصادية المتعددة والمتنوعة.

وبعد أن سجلت القارة الأفريقية سنة 2016 أول مقاولة صاعدة يتعدى رأسمالها مليار دولار، فقد أصبحت تتوفر الآن على ما يقارب عشر مقاولات صاعدة أحادية القرن في جميع أنحاء القارة. ولعل هذه القفزة النوعية تجسد بالملموس جاذبية الاستثمار في الشركات الناشئة في أفريقيا بالنسبة للمستثمرين الدوليين ولرواد التكنولوجيا عالمية.

 

حضرات السيدات والسادة،

إن “GITEX AFRICA” يشكل منصة مميزة لمناقشة الإمكانات والمهارات الرئيسية التي من شأنها أن تجعل من القارة الأفريقية قارة مستهلكة ومنتجة للرقمنة في آن واحد.

  • فالقارة الأفريقية هي أرض الفرص، حيث أن تمويل الشركات الناشئة في القارة يتزايد بشكل أسرع مقارنة مع باقي بلدان العالم. وحفاظا على هذه الجاذبية، في مشهد دائم التغير والتحول، لابد من تشجيع الابتكار والاستثمار في الشركات الناشئة من أجل انبثاق مقاولات صاعدة أحادية القرن (Unicorn startups) ومقاولات ناشئة ومقاولات صغرى ومتوسطة مبتكرة. كما يتوجب دعم تسريع الابتكارات التكنولوجية في القطاعات الواعدة مثل الذكاء الاصطناعي أو الحَوْسَبَة السحابية (Cloud computing) أو الأمن الإلكتروني وحماية المعطيات الشخصية.
  • ومما لا شك فيه، فإن تحقيق هذا التحول الرقمي يتطلب توفير مناخ أعمال ملائم وحكامة جاذبة للاستثمارات من جهة، كما يستوجب الاستثمار بشكل فعال في بنيات تحتية رقمية موثوقة وشاملة، من جهة أخرى.
  • وكما تعلمون، فلا يمكن تحقيق تحول رقمي أو ثورة رقمية دون التركيز على محورها الرئيسي المتعلق بالمواهب والمهارات. ففي وقت يتزايد فيه الطلب العالمي على المهارات الرقمية، متجاوزًا بذلك الموارد المتاحة، وفي سياق نتحدث فيه حتّى عن “حرب من أجل المواهب”، لابد من التأكيد على أن القارة الأفريقية تزخر بالمؤهلات البشرية ذات الإمكانات العالية. فأكثر من 60 ٪ من الساكنة لا يتجاوز عمرها 25 سنة، وهي ثروة ستساهم لا محالة في بناء المسار الرقمي للقارة، إذا نحن نجحنا في تدريبهم وتكوينهم ودعمهم وتشجيعهم لهذه الغاية.
  • وأخيرًا، فإن الغاية من الرقمنة تتمثل كذلك في تجويد علاقة المواطن بالإدارة. فلا مجال لحكامة حديثة بدون رقمنة. وهو ما يستلزم تيسير ولوجية الخدمات العمومية للمواطنين، وخلق إدارة شفافة محورها الإنسان والمواطن.

حضرات السيدات والسادة،

إن المملكة المغربية منخرطة في الدينامية الرقمية التي تفرضها العولمة، كما أنها عازمة على تعزيز مكانتها كقطب للرقمنة من أجل تسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة وتعزيز الروابط الاقتصادية ببقية دول العالم، وذلك تماشياً مع الرؤية المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله.

وفي هذا السياق، فإننا نطمح إلى توفير خدمات عمومية رقمية للمواطنين وللشركات والمقاولات، كما أننا نسعى إلى خلق نظام بيئي ملائم للشركات الناشئة والمقاولات الصغرى والمتوسطة المبتكرة، وخلق أرضية لاحتضان المواهب الرقمية وإنتاجها.

ونحن نشرع في تنفيذ خارطة الطريق هاته، فإن تنظيم هذه الدورة الأولى من « GITEX AFRICA »  بالمغرب يعد محفزا أساسيا لتحقيق تطلعاتنا المنشودة.

ومما لا شك فيه، فإن « GITEX AFRICA » سيسهم في رسم معالم قارة أفريقية متكاملة ومتصلة ودينامية ومتطورة.

وختاما، يطيب لي أن أجدد الترحيب بكم في بلدكم الثاني، متمنيا لكم مقاما طيبا بمدينة مراكش، ولأشغالكم كامل النجاح والتوفيق.

 

قد يعجبك ايضا
Loading...