و نحن في غمرة الإنتشاء بما حققه المنتخب الوطني المغربي في مونديال قطر، ليس فقط على مستوى تفننه في مغازلة المستديرة، أو في الدفاع عن المرمى، أو في القتالية في الميدان، أو في عفوية المدرب و تاكتيكاته،…، هناك أمور أخرى أكبر من ذلك لن يراها الرياضي أو الشغوف بالمستديرة فقط، أنا أتكلم عن كتيبة الأمل عن كتيبة الركراكي التي استطاعت أن تخلق تفاعل بين الأجيال أن تحقق ما عجز عنه السياسيين و علماء النفس و الاجتماع و الخطباء و كل مكونات المجتمع في زمن فقدنا فيه الأمل و الثقة و حتى الحق في الحلم.
منتخب “دير النية” و منتخب “سير ..سير” التي هتفت بها حناجر الجماهير المغربية و التفت حولها الجماهير العربية و معلقين القنوات الدولية حقق التلاحم و التواصل و التلاقي و التعايش و الإندماج، منتخب كرم الأم و رد لها الإعتبار في زمن بدأت تنهار فيها القيم و تفتح فيه دور العجزة أبوابها لاستقبال أمهات تم التخلي عنهن، لكن شباب الأسود جعلوا العالم ينبهر و يعيد طرح الأسئلة عن منظومة القيم، شكرا لك حكيمي، شكرا لك زياش، شكرا لكل اللاعبين الذين حضنوا أمهاتهم و يفتخرون بهن في قلب النشوة بالإنتصار و أمام كاميرات العالم، وشكرا لأمهاتكم اللواتي أحسن تربيتكم و ضبطوا فيكم القيم الثانية متمسكات بقيم و هوية وطن.
شكرا لمنتخب جعل أمة بأكملها ترفع الرأس و تعتز بأوطانها و مجتمعها و انتمائها و وضع تحت المجهر الإيجابيات المتوفرة في الحضارة المغربية و العربية لنستخلص منها الدروس و العبر في إصلاح الحاضر و استشراف المستقبل بناء على النية و سير..سير ممتطين الهوية بكل مكوانتها و أمجاد الماضي.
مع الأسف فكل إنجاز عظيم تجد هناك دائما اشخاص يتربصون به لتحقيق مكتسبات مادية و الركوب عليه، لأن اللامادي بالنسبة لهم لا يسمن و لا يغني من جوع و الوطن مجرد بقرة حلوب عليهم انتهاز فرص عطائه لجني المال كيف ما كانت نسبته كثيرا أم قليلا المهم بالنسبة لهم هو الربح المادي الخاص، إنهم الشوفينيون الجدد.
إن ما حدث في قطر و التجارة في تذاكر مباريات المنتخب المغربي في السوق السوداء، المنتخب الذي كان في مهمة دفاعية ليس فقط على القميص الوطني لكنه كان يدافع بطريقة غير مباشرة على الوحدة الترابية و على اللحمة الجامعة و على مغاربة الداخل و مغاربة العالم و على أمة كاملة تجند الجميع خلفهم لأجل توفير الظروف المناسبة ليمثلوا الأمة احسن تمثيل لكن الانتهازيين و الوصوليين قامو بعكس ذلك و أرادوا استغلال الأمة لصالح جيوبهم عبر بيع التذاكر المجانية و الممنوحة من الجامعة للجماهير المغربية بأثمنة خيالية، هذه الجريمة رغم وقوعها خارج ارض الوطن لكننا كمتتبعبن و كمواطنين و كفاعلين نصنفها بجريمة خيانة عظمى للوطن و لا يجب أن يتم البث فيها داخل لجان داخلية بمؤسسة بعض أعضائها هم المتهمين الرئيسيين و لكن يجب أن تحال على مؤسسة مستقلة لإجراء التحقيقات و الإستماع للشهود و الضحايا و تقديمهم للمحاكمة إذا تبث تورطهم فيما نسب إليهم، فأمثال هؤلاء قد يتاجروا في أمن و سلامة الوطن إذا كانوا سيحققون أرباحا مادية، و نحن لهم بالمرصاد لأن النية و قلت النية لا يجتمعان بعد ما حققه الأسود و يجب تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة على أرض الواقع و ليس فقط في نص دستوري.
عبد الصمد وسايح