متابعة فاطمة الخرشي
تتوالى ردود الأفعال الواسعة المنددة دوليا ووطنيا، على المستويين المغربي والتونسي، مستنكرة بشدة المواقف الجائرة التي ما فتئ يقدم عليها الرئيس التونسي قيس سعيد، بتماديه، غير المحسوب العواقب الوخيمة، في استفزاز متهور شنيع للمغرب، الذي حرص دائما، ملكا وحكومة وشعبا، أن يكون في خدمة بلد ثورة الياسمين التي للأسف المرير لم يكن الرئيس الديكتاتوري، كما ينعته الأخوة التونسيون الأشقاء في عملياته السياسية الانتحارية، وفيا لروحها المجيدة…
وهذه المرة بشكل رسمي، استقبل زعيم الكيان الانفصالي أثناء القمة الثامنة لمنتدى التعاون الياباني الإفريقي (تيكاد8) في تونس العاصمة.
وقد أثارت هذه الخطوة العدائية استياء عميقا في أوساط مختلف الفعاليات، لاسيما المغربية والتونسية منها على حد سواء، معتبرة إياها تصرفا لا مسؤولا، اعتبارا للمواقف التاريخية والعلاقات الأخوية التي جمعت على الدوام الشعبين الشقيقين، تشهد للمغرب وقوفه التضامني الرسمي وغير الرسمي إلى جانب تونس في مختلف ظروفه العصيبة .
كلنا نتذكر في عز أزمة الإرهاب المتكررة التي ضربت تونس، أن جلالة الملك محمد السادس قام بزيارة لها، وأخذ يتجول في شوارعها ويتبادل التحية مع شعبها بدون برتوكول أمني، وهي إشارات ودلالات تجسد في عمقها وأبعادها، تبعث للعالم أجمع برسالة صريحة وواضحة على أن تونس مستقرة وآمنة، رغم كيد الكائدين الإرهابيين الذين أرادوا من هجماتهم تدمير القطاعين الاقتصادي والسياحي وزعزعة أمن واستقرار تونس الخضراء .
والمغفور له الملك الحسن الثاني، رحمه الله، في ندوة صحفية، سئل ذات مرة عن مصير تونس في ظل الأزمات السياسية التي تعاني منها، فكان جوابه : “لا يمكن لتونس أن تنهار لأن شعبها مثقف ومتماسك.. وسندافع عنها عسكريا إذا تعرضت لاعتداء”.
وكلنا نتذكر أنه في الظروف العصيبة لمحنة جائحة كورونا، أقدم المغرب على إرسال مساعدات طبية عاجلة لتونس إثر تدهور الوضع الوبائي بها جراء ارتفاع حالات العدوى والوفيات المرتبطة بفيروس كورونا الذي ضرب بلد تونس بشراسة.
لذلك، وقع الصدمة كان شديدا والدهشة كبيرة والغدر مبينا.
موقف أقل ما يمكن وصفه، أنه تصرف طائش ومتهور بل عدائي، انبنى على مراهقة سياسية تدميرية لكل سبل الوحدة المغاربية المنشودة .
فحري برئيس تونس أن يكون متيقنا أن هذا التصرف المحبوك المدسوس، لن يكون له أي تأثير، اعتبارا لمساندة ودعم المنتظم الدولي المتواصل لصالح مشروعية المغرب في صحرائه والشعب التونسي الشقيق هو الآخر مساند للشعب المغربي الشقيق ايمانا صادقا منه بمشروعية قضيتنا العادلة .
والأكيد، أن هذا السلوك الأرعن الذي فتحت شهية فعله أطراف مكشوفة تحت اغراءات معروفة، لن يحرك قيد انملة في رص صفوفنا للدود عن حياض ثوابت الأمة المغربية ووحدتها الترابية والوطنية، مسترخصين النفس والنفيس، مجندين وراء ضامن وحدتنا واستقرارنا وصانع امجادنا ونهضتنا، عاهلنا المفدى جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، نظرا لإيماننا القوي الراسخ، بأن قضية الصحراء المغربية بالنسبة للمغاربة قاطبة هي مسألة وجود وليست حدود، أن نكون أولا نكون، عكس الطرف الآخر المعادي، الذي لا تعدو أن تكون قضية نظام فقط بدون سند شعبي من أجل التغطية على المشاكل الحقيقية الداخلية، التي للأسف الشديد يعانيها الشعبان الشقيقان الجزائري والتونسي .
ومن هذا المنطلق، ينبغي دعوة كل الضمائر العالمية الحية بصفة عامة والشعبين التونسي والمغربي على وجه الخصوص، في سياق ما يجمعهما من أواصر الأخوة المتينة والرصيد المتنوع المشترك، لرفض وشجب واستنكار هذا السلوك المتهور الذي يهدد السلم الإقليمي والقاري والدولي.
كفانا من خبث صب الزيت على النار، لأغراض دنيئة تنتج عنها نزاعات وبؤر التوتر التي تعرفها العديد من مناطق العالم.. كفانا من أية مغامرة محفوفة بالمخاطر وغير محسوبة العواقب، كتلك التي أقدم عليها الرئيس التونسي الحالي الذي أضحى مفروضا على شعبه بطريقة دكتاتورية .